نشرت النسخة الأصلية في مجلة فوربس بتاريخ 18/09/2025.
يشدد ناصر اليماحي، الرئيس التنفيذي لشركة حياة بايوتك، على أهمية الدور المحوري للشراكات بين القطاعين العام والخاص، إلى جانب التعاون الدولي، في تشكيل مستقبل الرعاية الصحية في أفريقيا.
عانت منظمة الصحة العالمية مؤخرًا من تراجع حجم التمويل المخصص لها، ما أثار نقاشًا عالميًا جوهريًا: من سيتكفل بضمان حصول المناطق الأكثر حاجة للدعم، كأفريقيا، على خدمات الرعاية الصحية، إذا تراجع الدعم المتعدد المصادر المعهود؟ ويكشف هذا النقص في التمويل عن حقيقة واضحة، مفادها أن الصحة العالمية مسؤولية جماعية لا تتحملها المنظمات الدولية وحدها.
وتواجه أنظمة الرعاية الصحية في أفريقيا اليوم ضغوطًا متزايدة، تتمثل في النمو السكاني السريع، وتفاقم الأعباء الناتجة عن الأمراض المعدية وغير المعدية، إلى جانب فجوات واضحة في البنية التحتية. وتُلقي هذه التحديات بثقلها الأكبر على أنظمة رعاية صحية ذات موارد محدودة. وبالتالي، يهدد أي تراجع في تمويل منظمة الصحة العالمية أو تدفق المساعدات الدولية، بتعميق هذه الهشاشة، وتقويض ما تحقق خلال السنوات الماضية.
وتستدعي هذه المرحلة تفكيرًا خلّاقًا واعتماد نماذج مبتكرة للتعاون، بحيث تصبح الشراكات بين القطاعين العام والخاص، المدعومة بالتعاون العالمي الاستراتيجي، ركيزة أساسية لمستقبل الرعاية الصحية في أفريقيا.
من الاستجابة للطوارئ إلى مرونة طويلة الأمد
ويقول اليماحي: “أظهرت التحديات الصحية العالمية في السنوات الأخيرة القوة الحقيقية، والحاجة الملحّة، للتعاون الاستراتيجي. ولهذا أفخر بمساهمتي الفاعلة في هذه الجهود التي أنقذت الأرواح. فقد كان إيصال اللقاحات ووسائل التشخيص إلى أفريقيا وخارجها، ممكنًا بفضل الشراكات القوية والمنسّقة مع الحكومات والمؤسسات العامة والمنظمات الدولية فقط”.
ويضيف: “أفخر بقيادتي لتأسيس أحد أكثر مرافق تصنيع اللقاحات تطورًا في المنطقة، الذي هو من أبرز إنجازاتي المهنية، إذ يمثل خطوة محورية نحو تعزيز سيادة الرعاية الصحية”.
3 أولويات أساسية
وبحسب اليماحي، تبرز 3 أولويات أساسية من أجل إحداث تأثير مستدام:
1. بناء القدرات المحلية
ينبغي تسخير خبرات القطاع الخاص للتعاون مع المؤسسات الأفريقية. وستكون هذه الخبرات الداعمة للتعاون أساسية في تعزيز البنية التحتية، وتسهيل نقل المهارات، والاستثمار في تطوير جيل من المواهب الصحية والعلمية القادرة على الصمود.
2. تعزيز الاعتماد على الذات
سيتيح دعم النظم البيئية المحلية للابتكار في مجالات التكنولوجيا الحيوية، والبحوث السريرية، ومرونة سلاسل التوريد، انتقال الدول الأفريقية من متلقٍ إلى فاعل نشط في ابتكار حلول الرعاية الصحية.
3. التكيف مع السياقات المحلية
ليس هناك نموذج عالمي معيّن؛ فالشراكات الناجحة تتطلب توافقًا عميقًا مع الأولويات الوطنية والواقع الثقافي وأنظمة الرعاية الصحية القائمة. وستخلق الاستراتيجيات المُراعية للسياق، قيمة مستدامة وطويلة الأمد، بدلًا من النهج الموحّد.
أفريقيا: شريك عالمي حيوي
لا ينبغي النظر إلى تحديات الرعاية الصحية في أفريقيا على أنها مجرد عوائق؛ فهي تمثل فرصًا هائلة للابتكار العالمي. كما أن التركيبة السكانية الشابة، والطاقة الريادية، وبيئة الاستثمار المتنامية في قطاع التكنولوجيا الحيوية، تجعل القارة شريكًا استراتيجيًا لصياغة مستقبل الرعاية الصحية.
لكن خفض التمويل المخصص لمنظمة الصحة العالمية يدعو للحراك، إذ ليس من قطاع بعينه أو مؤسسة بمفردها قادرة على مواجهة التحديات الصحية العالمية بمفردها. لذا يتعين على الحكومات والمؤسسات الخاصة والمنظمات الدولية التحرك سريعًا، بما يضمن المساواة، وضمن رؤية واضحة.
ويختم الرئيس التنفيذي لشركة حياة بايوتك بالقول: “يبقى التزامي بهذه المهمة راسخًا وعميقًا. ومن خلال العمل المشترك، يمكننا بناء أنظمة رعاية صحية قوية ومبتكرة ومستدامة ذاتيًا في أفريقيا، لضمان أن تعود الدروس المستفادة بالنفع على القارة، بل على العالم بأسره، فمستقبل الرعاية الصحية في أفريقيا يتطلب منا بذل أقصى جهود جماعية”.